الأثر السابع عشر:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((ولكن من في قلبه مرضٌ يأخذُ من كلّ كلام ما يُناسبُ مرضهُ)) (قاعدة في الفناء والبقاء ص53 دار ابن حزم، ت آل زهوي)).
لقد ذكر العلماء أنّ أمراض القلوب على ثلاثة أضرب:مرضٌ عُضويٌّ: ودليله قوله تعالى: ((فمن كان منكم مريضا أو على سفر...)) الآية، وهذا سبيله وعلاجه التداوي بالحلال وسؤال الله الشفاء والعافية واحتساب الأجر عند الله تعالى.مرضٌ شَهَواتيٌّ: ودليله قوله تعالى: ((ولا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ...)) الآية، وهذا سبيله وعلاجه تذكّر عقاب الله تعالى وما أعدّه سبحانه للعصاة من العذاب الأليم، وتذكّر عظم الأجر والثواب الذي أعدّه الله تعالى لمن ترك الحرام -مع القدرة عليه- من جرّائه مع المحافظة على الصلوات في الجماعات واجتناب الخلوات.مرضٌ شُبهاتيٌّ: فهذا -والله- هو الدّاء العضال والمرض المميت.
ودليله قوله تعالى: ((في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضاً
...)) الآية، وهذا لا سبيل للشفاء منه إلا بصدق الرجوع إلى الله تعالى
وإخلاص الدعاء له سبحانه أن يُرينا الحقّ حقاً ويرزقنا اتّباعه ويرينا
الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. ثمّ بالرجوع إلى ورثة رسول الله صلى الله
عليه وسلّم وهم أهل العلم وطلبته وسؤالهم واستفسارهم والاستنارة بأقوالهم
وتوجيهاتهم.قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((ولكن من في قلبه مرضٌ يأخذُ من كلّ كلام ما يُناسبُ مرضهُ)) (قاعدة في الفناء والبقاء ص53 دار ابن حزم، ت آل زهوي)).
لقد ذكر العلماء أنّ أمراض القلوب على ثلاثة أضرب:مرضٌ عُضويٌّ: ودليله قوله تعالى: ((فمن كان منكم مريضا أو على سفر...)) الآية، وهذا سبيله وعلاجه التداوي بالحلال وسؤال الله الشفاء والعافية واحتساب الأجر عند الله تعالى.مرضٌ شَهَواتيٌّ: ودليله قوله تعالى: ((ولا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ...)) الآية، وهذا سبيله وعلاجه تذكّر عقاب الله تعالى وما أعدّه سبحانه للعصاة من العذاب الأليم، وتذكّر عظم الأجر والثواب الذي أعدّه الله تعالى لمن ترك الحرام -مع القدرة عليه- من جرّائه مع المحافظة على الصلوات في الجماعات واجتناب الخلوات.مرضٌ شُبهاتيٌّ: فهذا -والله- هو الدّاء العضال والمرض المميت.
وإنّ من أعظم أعراض هذا المرض المميت والدّاء العضال تتبُّع الرخص من زلل العلماء وقديما قيل: ((إنّ لكل جواد كبوة ولكلّ عالم هفوة)).
ومن أعراضه أيضاً اتّباع المتشابه من النّصوص والإعراض عن المُحكم منها ابتغاء الفتنة. قال تعالى ((هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أمّ الكتاب وأخر متشابهات. فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)) الآية.
ومن أعراضه أيضاً الانتقاء والتخيير من كلام العلماء ما يُناسبُ هواهم ومرضهم بالبتر تارة وبالتحريف تارة أخرى. وقد بيّنتُ طرفاً من ذلك في موضوعي المنشور على الشبكة بعنوان: ((التعصّب المذهبي والخيانة العلمية)) فليراجع فإنّه مهم.
وقد دوّن لنا التاريخ أصنافاً وألواناً من مرضى القلوب الذين عمدوا إلى المُتشابه من كلام العلماء بل من كلام ربّ الأرض والسماء فاستدلوا به على بدعهم وأهوائهم.
ومن هؤلاء:
الخوارج، حيث عمدوا إلى آيات أنزلت في الكفار من مثل قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الكافرون)) فجعلوها في المسلمين !! ثمّ قرنوا معها قوله تعالى ((ثمّ الذين كفروا بربّهم يعدلون)) فاستحلّوا دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم فقتلوا خيار المسلمين وساداتهم.
ومن هؤلاء: الروافض، حيث عمد مؤسس دينهم عبد الله بن سبإ اليهودي إلى مثل قوله تعالى: ((إِنّ الّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَآدّكَ إِلَىَ مَعَادٍ )) الآية، فاستدلّ بها -الخبيث- على الرجعة بعد الموت !! وعمد هو وأتباعه إلى قوله تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) فاستدلوا بها على عصمة عليّ وفاطمة رضي الله عنهما وذريتهما!!
ومن هؤلاء: الصوفية، حيث عمدوا إلى مثل قوله تعالى ((أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)) وقوله تعالى ((ولاتحسبن اللذين قتلوا في سبيل امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون)) فاستدلوا بها على جواز الاستغاثة بالأولياء وسؤالهم من دون الله تعالى وتعفير الوجوه بتراب أضرحتهم !!
وعمدوا إلى قوله تعالى لأيوب عليه السلام ((ارْكُضْ بِرِجْلِكَ )) على جواز عبادة الله بالرقص !!
ومن هؤلاء: الإخوان المجرمون، حيث عمد كبيرهم القرضاوي إلى قوله تعالى: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)) فاستدلّ بها على الأخوّة بين المسلم والنّصراني !!
واستدلّ بقوله تعالى: ((لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ)) الآية، على مودّة أهل الكتاب من يهود ونصارى ومحبّتهم وذلك بحضور حفلاتهم وتهنئتهم بأعيادهم بل وأخذ الصور التذكارية معه بل والترحّم على موتاهم وسؤال المعفرة له !!!
وفي عصرنا عمد بعض مرضى القلوب إلى فتوى للعلامة صالح اللحيدان -حفظه الله من كيد الخوارج والإخوان- فاستدلوا بها على جواز المُظاهرات بل والثورات في ليبيا وسوريا !! مع أنّ فتوى فضيلته كانت واضحة جليّة لا لبس فيها ولا غبار عليها، ومضمونها أنّ الحاكم الليبي ينفي السنّة ولا يرفعُ لها رأساً -وهذه ردّة لا يختلف فيها اثنان ولا يتناطح عليها كبشان- وأنّ حاكم سوريا نُصيري وأنّ النصيرية كفّار باطنية يُظهرون الرفض -وبئسما أظهروا- ويُبطنون الكفر الصريح. فإن أمكن إزاحة هذين الحاكمين من غير إزهاق للأنفس وهتك للأعراض وإتلاف للأموال فبها ونعمت. وإلا فلا يجوز الخروج على الحاكم الكافر مع عدم القدرة، ولا يقول عاقل بخلاف هذا أبداً.
هذا مضمون فتوى الشيخ حفظه الله وهي -كما ترون- موافقة لأصول ديننا الحنيف وتعاليم الشريعة الغرّاء. فاستغلّ هذه الفتوى دُعاة الفوضى والتهييج والتهريج للدعوة إلى الخروج على حاكمي ليبيا وسوريا من دون مُراعاة للقيد الذي نصّ عليه الشيخ في فتواهُ بل كتب بعضهم عنوانا على أحد المواقع يقول فبه: ((العلامة اللحيدان يقول لأهل ليبيا ولأهل سوريا: واصلوا ثورتكم وإن مات ثلثكم !!)) فصدق عليهم قول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: ((ولكن من في قلبه مرضٌ يأخذُ من كلّ كلام ما يُناسبُ مرضهُ)).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق