مرحباً بكم على مدوّنة ((الغريب الأثري)) تابعوا معنا آخر المقالات والمواضيع. نتمنى لكم متابعة ممتعة ومفيدة..

الثلاثاء، 23 يوليو 2013

:: 15/ روميو القرن الواحد والعشرين ::

الأثر الخامس عشر:

قال ابن أبي جمرة -رحمه الله تعالى- في شرحه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنّه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتةً جاهلية)) رواه البخاري ومسلم، قال رحمه الله: ((المُراد بالمفارقة السّعيُ في حلّ عَقَد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء فكنّى عنها بمقدار شبر، لأنّ الأخذ في ذلك يؤولُ إلى سفك الدّماء بغير حقّ)) (فتح الباري 13/7).

إنّهُ من المُقرّر عند النّاس كافّة أنّ مسيرة الألف ميل تبدأُ بخطوة واحدة، كما أنّ مدينة الألف قصر تبدأُ بلبنة واحدة. وكذلك ههنا في الفتنة الليبية، فإنّ قتل عشرة آلاف مُسلم بدأ بكلمة واحدة، أو بالأحرى بفتوى واحدة: ((يجوز الخروج في المظاهرات السلمية –زعموا- للمُطالَبة بالحقوق الشرعية التي تكفلُها الديموقراطية)).

وقد كان النّاسُ –السلفيين منهم خاصّة- في ليبيا –وفي غيرها من بلاد الإسلام- قد استفتوا مشايخنا الكرام -كعبد المُحسن العبّاد وصالح اللحيدان-حفظهما الله تعالى وغيرهما من أهل العلم والإيمان والتّقوى والورع والزّهد- فأفتوهم بما تقتضيه الأدلّة الشرعية –بعيداً عن المصالح الحزبية والانفعالات الحماسية- بحرمة هذه المُظاهرات الغربية الغريبة على الإسلام وتعاليم الإسلام. وأنّها –أي المُظاهرات- من وسائل الديموقراطية وأنّ الوسائل لها أحكام المقاصد وأنّ الدّيموقراطية تكفُلُ مبادئ وأُسُسَ تُنافي الإسلام وتعاليم الإسلام.

وأذكرُ أنّي سمعتُ العلامة العبّاد –حفظه الله- يقولُ-وهو من هو !-: ((لا أعلمُ دليلاً في الكتاب والسنّة على جواز هذه المُظاهرات ...)) وسمعتهُ أيضاً يقولُ –فيما معناهُ-: ((لو لم يكن في هذه المُظاهرات من المفاسد إلا تضييق الطُرُق على المُسلمين لكفى ذلك لتحريمها والمنع منها ...)) !!

فانظروا –يا هداكم الله- إلى حرص عُلمائنا على سلامة المُسلمين وراحتهم وحقن دمائهم –حكّاماً ومحكومين- وانظروا إلى حرصهم على تأمين سُبُلهم، بل على عدم تضييقها عليهم !!

وقارنوا –يا رعاكم الله- هذه الفتوى بفتوى ذلكم العاشق الولهان –روميو القرن الواحد والعشرين- ! الذي أعلن لعشيقته (!) عن طريق الرسائل الغرامية (!) والقصائد الغزلية (!) والمُحادثات الهاتفية (!) التي تدوم لساعات في جوف الليل المُظلم (!) أنّهُ على استعداد أن يتنازل عن إمامته (!) وعمامته في سبيل أن يظفر بجسدها الفتيّ النّاعم (!) وأنّها معهُ في خياله وفكره وقلبه في الجامعة والمسجد والبيت وفي أثناء الدّرس وفي أثناء الخطبة بل حتى إنّهُ يذكُرُها في صلاته فيسهو (!) فيسجد للسهو فيسهو (!!!) وأنّ نار الغرام لم تخمد إلا بعد أن تزوّجها بعيداً عن بيتها ومن غير علم أهلها ولا إذن وليّها (!!!)

قارنوا –يا رعاكم الله- بين فتاوى عُلمائنا –منذ القديم وأثناء هذه الفتنة- وبين فتوى العاشق الولهان بجواز الخروج في المُظاهرات بل بجواز قتل حاكم ليبيا وأنّ دم هذا الأخير على رقبته !!!

والأمر الذي تضحك منه الثكلى هو أنّ هذا الشيخ -الشُجاعُ مُفتي الشعوب الثائرة وقائدها نحو الحريّة والذي لا يخافُ في سبيل الدّيموقراطية لومة لائم- كان يزور –وباستمرار- حاكم ليبيا في خيمته ويأكلُ من خيره ويغرفُ من ماله وينعمُ في قصره ويلعقُ حذائهُ وأحذية أبنائهكما يقول نجل الحاكم الليبي والولد المدلّل عند هذا الشيخ- وأُخذت لهم صورٌ ونُشرت الصورُ على صفحات الجرائد والمجلات والمواقع والمنتديات ممّا يكشفُ حقيقة هذا المأجور ويفضحُ نفاقهُ ويبيّنُ تلوُّنَهُ وخذاعهُ وأنّهُ –أي العاشق الولهان- دسيسة من دسائس أعداء الأمّة لتمزيق شملها وتحريف دينها والقضاء على كيانها.

فليبشر –عدوّ الله- بما يسوءه، فإنّ دمّ كل مسلم سُفك بغير حقّ في هذه الفتنة –التي أشعل هو نارَها- سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن أو سوريا- هو في رقبته يوم القيامة وفي رقبة كلّ من أعانهُ على غيّه وآزرهُ وناصرهُ على شرّه وأيّدهُ على مكره ولو بمقدار شبر ولو بأدنى شيء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عدد زوار الموقع